في إنجازٍ جديد يُضاف إلى سجلّ مشروعات البنية التحتية التي تنفذها حكومة الوحدة الوطنية، افتُتِحت اليوم المرحلة الأولى من مشروع الطريق الدائري الثالث بالعاصمة طرابلس، في خطوة استراتيجية تهدف إلى إعطاء دفعة قوية لخطة “عودة الحياة” وإرساء قواعد شبكة طرق حديثة ومتطورة. ويأتي هذا المشروع ليعزز من قدرات العاصمة على مواجهة التحديات المرورية الناجمة عن التوسع الحضري المتسارع، ويرسخ رؤى التنمية المستدامة التي تتبناها الدولة.
تضمّنت المرحلة الأولى إنشاء ستة كيلومترات من الطريق الرئيسي ذي المسارين في كل اتجاه، انطلاقًا من جزيرة غوط الشعال وصولًا إلى طريق المطار، ويعبّد بخمس جسور رئيسية تربط المحاور المختلفة بسلاسة، بالإضافة إلى عشرة كيلومترات من الطرق الخدمية التي تُسهم في توزيع الحركة المرورية على الأحياء السكنية والتجارية المحيطة، مع إنشاء ثلاثة جسور مخصصة للمشاة تسهم في توفير مستوى عالٍ من الأمان للمارة. ويُذكر أن أعمال الحفر، والأساسات، والطبقات المرورية، وجسور العبور قد أُنجزت وفق المواصفات الهندسية العالمية، ومعايير السلامة المرورية المُعتمدة.
لقد مثل هذا المشروع – منذ إطلاق أعماله – جهدًا ميدانيًا كبيرًا شاركت فيه فرق فنية وهندسية متخصصة من جهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق، بالتعاون مع مؤسسات استشارية محلية ودولية، إذ جرت عمليات الإشراف والمتابعة اليومية لضمان الالتزام بالجداول الزمنية وتلافي المعوقات. وقد انتهت الفرق من بناء الجسور الخرسانية المسلحة، وتثبيت الحواجز الفولاذية، وتمديد شبكات تصريف مياه الأمطار، إضافةً إلى تركيب اللوحات الإرشادية وأعمدة الإنارة التي سيزيد افتتاحها من مستوى الرؤية والسلامة ليلاً.
من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، يمثل افتتاح هذه المرحلة خطوة نوعية لتخفيف الزحام المروري على الطريقين الدائريين الأول والثاني، إذ يُتوقّع أن تستوعب الحركة القادمة من غرب العاصمة وشرقها باتجاه مطار معيتيقة الدولي جزءًا كبيرًا من السيارات اليومية، مما يسهم في تقليص أوقات الرحلات وتقليل تكاليف النقل، فضلاً عن تعزيز التواصل بين مختلف الأحياء والمراكز الخدمية والتعليمية. كما يُعد الطريق الدائري الثالث حلقة وصل أساسًا لخطة تطوير المناطق الصناعية والمناطق الحرة الجديدة التي ستشهدها طرابلس خلال السنوات المقبلة.
كما يؤكد هذا الإنجاز التزام الحكومة بتنفيذ مشروعات استراتيجية وفق معايير الحوكمة والشفافية، وتوفير بنية تحتية متكاملة تضع الاستدامة البيئية في صلب أولوياتها، من خلال استخدام مواد تعبيد صديقة للبيئة وأنظمة تصريف متطورة تقلل من مخاطر الفيضانات والأمطار الغزيرة. وإذ يُستكمَل العمل في المراحل التالية التي تشمل تمديد الطريق إلى ضاحية معيتيقة والطريق الساحلي، فإن الأفق يمتلئ بآمال إيجاد منظومة نقل عصرية تعزز مسيرة التنمية وتلبي احتياجات المواطنين.
إنّ افتتاح المرحلة الأولى من الطريق الدائري الثالث اليوم ليس مجرد حدث إنشائي، بل هو علامة فارقة في مسار إعادة النهوض بالعاصمة طرابلس، وتأكيدٌ على قدرة الدولة على المضي قدمًا في تنفيذ خططها الطموحة. ويأتي ذلك تماشيًا مع شعار “عودة الحياة” الذي أطلقته الحكومة ليعبّر عن الأمل المتجدد في مستقبل أفضل، حيث تتضافر الجهود لإنجاز المشروعات الحيوية التي تضمن نماءً اقتصاديًا واجتماعيًا مستدامًا.